. رواية عبد الله بن مسعود عن الإسراء :
فكان عبد الله بن مسعود - فيما بلغني عنه - يقول :
أُتي رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) بالبراق - وهي الدابة التي كانت تحُمل عليها الأنبياء قبله ، تضع حافرها في منتهى طرفها - فحُمل عليها ، ثم خرج به صاحبه ، يرى الآيات فيما بين السماء والأرض ، حتى انتهى إلى بيت المقدس ، فوجد فيه إبراهيم الخليل وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء قد جمُعوا له ، فصلى بهم . ثم أُتي بثلاثة آنية ، إناء فيه لبن ، وإناء فيه خمر ، وإناء فيه ماء . قال : فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : فسمعت قائلا يقول حين عُرضت علي : إن أخذ الماء غرق وغرقت أمته ، وإن أخذ الخمر غوى وغوت أمته ، وإن أخذ اللبن هُدي وهديت أمته . قال : فأخذت إناء اللبن ، فشربت منه ، فقال لي جبريل : هُديت وهديت أمتك يا محمد .
.رواية الحسن عن مسراه صلى الله عليه و سلم :
قال ابن إسحاق : وحُدثت عن الحسن أنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : بينا أنا نائم في الحجر ، إذ جاءني جبريل ، فهمزني بقدمه ، فجلست فلم أر شيئا ، فعدت إلى مضجعي ، فجاءني الثانية فهمزني بقدمه ، فجلست ولم أر شيئا ، فعدت إلى مضجعي ، فجاءني الثالثة فهمزني بقدمه ، فجلست ، فأخذ بعضدي ، فقمت معه ، فخرج بي إلى باب المسجد ، فإذا دابة أبيض ، بين البغل والحمار ، في فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه ، يضع يده في منتهى طرفه ، فحملني عليه ، ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته .
وقال الحسن في حديثه : فمضى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ومضى جبريل معه ، حتى انتهى به إلى بيت المقدس ، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء ، فأمهم رسول الله فصلى بهم ، ثم أُتي بإناءين ، في أحدهما خمر ، وفي الآخر لبن . قال : فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إناء اللبن ، فشرب منه ، وترك إناء الخمر . قال : فقال له جبريل : هديت للفطرة ، وهديت أمتك يا محمد ، وحرمت عليكم الخمر . ثم انصرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى مكة ، فلما أصبح غدا على قريش فأخبرهم الخبر . فقال أكثر الناس : هذا والله الإمْر البين ، والله إن العير لتطرد ، شهرا من مكة إلى الشام مدبرة ، وشهرا مقبلة ، أفيذهب ذلك محمد في ليلة واحدة ، ويرجع إلى مكة ! قال : فارتد كثير ممن كان أسلم ، وذهب الناس إلى أبي بكر ، فقالوا له : هل لك يا أبا بكر في صاحبك ، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع إلى مكة . قال : فقال لهم أبو بكر : إنكم تكذبون عليه ؛ فقالوا : بلى ، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس ؛ فقال أبو بكر : والله لئن كان قاله لقد صدق ، فما يُعجبكم من ذلك ! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه ، فهذا أبعد مما تعجبون منه ، ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقال : يا نبي الله ، أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة ؟ قال : نعم ؛ قال : يا نبي الله ، فصفه لي ، فإني قد جئته - قال الحسن : فقال رسول الله : فرُفع لي حتى نظرت إليه - فجعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصفه لأبي بكر ، ويقول أبو بكر : صدقت ، أشهد أنك رسول الله ، كلما وصف له منه شيئا ، قال : صدقت ، أشهد أنك رسول الله ، حتى إذا انتهى ، قال رسول الله لأبي بكر : وأنت يا أبا بكر الصديق ؛ فيومئذ سماه الصديق . قال الحسن : وأنزل الله فيمن ارتد عن إسلامه لذلك : ( وما جعلْنا الرُؤْيا التي أريْناك إلا فتْنة للناس والشجرة الْملْعُونة في الْقُرْآن ونُخوفُهُمْ فما يزيدُهُمْ إلا طُغْيانا كبيرا(60) ) .
. رواية عائشة عن مسراه صلى الله عليه و سلم:
قال ابن إسحاق : حدثني بعض آل أبي بكر : أن عائشة زوجة النبي كانت تقول : ما فُقد جسد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ولكن الله أسرى بروحه .
. رواية معاوية عن مسراه صلى الله عليه و سلم
قال ابن إسحاق : وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس : أن معاوية بن أبي سفيان ، كان إذا سئل عن مسرى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، قال : كانت رؤيا من الله صادقة .
الاسراء والمعراج كاملة مصادرها
(قصة المعراج)
الرسول يصعد إلى السماء الأولى ( حديث الخدري عن المعراج )
قال ابن إسحاق : وحدثني من لا أتهم عن أبي سعيد الخدري أنه قال : سمعت رسول الله يقول : لما فرغت مما كان في بيت المقدس ، أُتي بالمعراج ، ولم أر شيئا قط أحسن منه ، وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا حُضر ، فأصعدني صاحبي فيه ، حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء ، يقال له : باب الحفظة ، عليه ملك من الملائكة ، يقال له : إسماعيل ، تحت يديه اثنا عشر ألف ملك ، تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك - قال : يقول رسول الله حين حدث بهذا الحديث : وما يعلم جنود ربك إلا هو - فلما دُخل بي ، قال : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا محمد . قال : أوقد بعث ؟ قال : نعم . قال : فدعا لي بخير ، وقاله .
. صفة مالك خازن النار
قال ابن إسحاق : وحدثني بعض أهل العلم عمن حدثه عن رسول الله ، أنه قال : تلقتني الملائكة حين دخلت السماء الدنيا ، فلم يلقني ملك إلا ضاحكا مستبشرا ، يقول خيرا ويدعو به ، حتى لقيني ملك من الملائكة ، فقال مثل ما قالوا ، ودعا بمثل ما دعوا به ، إلا أنه لم يضحك ، ولم أر منه من البشر مثل ما رأيت من غيره ، فقلت لجبريل : يا جبريل من هذا الملك الذي قال لي كما قالت الملائكة ولم يضحك إلي ، ولم أر منه من البشر مثل الذي رأيت منهم ؟ قال : فقال لي جبريل : أما إنه لو ضحك إلى أحد كان قبلك ، أو كان ضاحكا إلى أحد بعدك ، لضحك إليك ، ولكنه لا يضحك ، هذا مالك صاحب النار .
. من صفات جهنم
فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) : فقلت لجبريل ، وهو من الله بالمكان الذي وصف لكم ( مطاع ثم أمين ) : ألا تأمره أن يُريني النار ؟ فقال : بلى ، يا مالك ، أر محمدا النار . قال : فكشف عنها غطاءها ، فقال : ففارت وارتفعت ، حتى ظننت لتأخذن ما أرى . قال : فقلت لجبريل : يا جبريل ، مُرْه فليردها إلى مكانها . قال : فأمره ، فقال لها : اخبي ، فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه . فما شبهت رجوعها إلا وقوع الظل . حتى إذا دخلت من حيث خرجت رد عليها غطاءها .
. عرض الأرواح على آدم
و قال أبو سعيد الخدري في حديثه : إن رسول الله قال : لما دخلت السماء الدنيا ، رأيت بها رجلا جالسا تُعرض عليه أرواح بني آدم ، فيقول لبعضها إذا عُرضت عليه خيرا ويُسر به ، ويقول : روح طيبة خرجت من جسد طيب ؛ ويقول لبعضها إذا عُرضت عليه : أف ، ويعبس بوجهه ويقول : روح خبيثة خرجت من جسد خبيث . قال : قلت : من هذا جبريل ؟ قال : هذا أبوك آدم ، تعرض عليه أرواح ذريته ، فإذا مرت به روح المؤمن منهم سر بها . وقال : روح طيبة خرجت من جسد طيب . وإذا مرت به روح الكافر منهم أفف منها وكرهها ، وساءه ذلك ، وقال : روح خبيثة خرجت من جسد خبيث .
. صفة أكلة أموال اليتامى ظلما
قال : ثم رأيت رجالا لهم مشافر كمشافر الإبل ، في أيديهم قطع من نار كالأفهار ، يقذفونها في أفواههم ، فتخرج من أدبارهم . فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء أكلة أمول اليتامى ظلما .
. صفة أكلة الربا
قال : ثم رأيت رجالا لهم بطون لم أر مثلها قط بسبيل آل فرعون ، يمرون عليهم كالإبل المهيومة حين يُعرضون على النار ، يطئونهم لا يقدرون على أن يتحولوا من مكانهم ذلك . قال : قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء أكلة الربا .
. صفة الزناة من بني آدم
قال : ثم رأيت رجالا بين أيديهم لحم ثـمين طيب ، إلى جنبه لحم غث منتن ، يأكلون من الغث المنتن ، ويتركون السمين الطيب . قال : قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يتركون ما أحل الله لهم من النساء ، ويذهبون إلى ما حرم الله عليهم منهن .
. صفة من نسبت ابنا لزوجها من غيره
قال : ثم رأيت نساء معلقات بثديهن ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء اللاتي أدخلن على الرجال من ليس من أولادهم .
قال ابن إسحاق : وحدثني جعفر بن عمرو ، عن القاسم بن محمد أن رسول الله ، قال : اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم ، فأكل حرائبهم ، واطلع على عوراتهم .
( تفاصيل صعود النبي في السموات وفق المصادر الإسلامية)
ثم رجع إلى حديث أبي سعيد الخدري ، قال : ثم أصعدني إلى السماء الثانية ، فإذا فيها ابنا الخالة : عيسى بن مريم ، ويحيى بن زكريا ، قال : ثم أصعدني إلى السماء الثالثة ، فإذا فيها رجل صورته كصورة القمر ليلة البدر ؛ قال : قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك يوسف ابن يعقوب . قال : ثم أصعدني إلى السماء الرابعة ، فإذا فيها رجل فسألته : من هو ؟ قال : هذا إدريس - قال : يقول رسول الله : ورفعناه مكانا عليا - قال : ثم أصعدني إلى السماء الخامسة فإذا فيها كهل أبيض الرأس واللحية ، عظيم العثنون ، لم أر كهلا أجمل منه ؛ قالت : قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال هذا المحبب في قومه هارون بن عمران . قال : ثم أصعدني إلى السماء السادسة ، فإذا فيها رجل آدم طويل أقنى ، كأنه من رجال شنوءة ؛ فقلت له : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك موسى بن عمران . ثم أصعدني إلى السماء السابعة ، فإذا فيها كهل جالس على كرسي إلى باب البيت المعمور ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، لا يرجعون فيه إلى يوم القيامة . لم أر رجلا أشبه بصاحبكم ، ولا صاحبكم أشبه به منه ؛ قال : قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أبوك إبراهيم . قال : ثم دخل بي الجنة ، فرأيت فيها جارية لعساء ، فسألتها : لمن أنت ؟ وقد أعجبتني حين رأيتها ؛ فقالت : لزيد بن حارثة ، فبشر بها رسول الله زيد بن حارثة .
( الرواية الإسلامية لفرض الصلاة في نهاية الرحلة)
قال ابن إسحاق : ومن حديث عبد الله بن مسعود ، عن النبي ، فيما بلغني : أن جبريل لم يصعد به إلى سماء من السماوات إلا قالوا له حين يستأذن في دخولها : من هذا يا جبريل ؟ فيقول : محمد ؛ فيقولون : أوقد بعث إليه ؟ فيقول : نعم ؛ فيقولون : حياه الله من أخ وصاحب ! حتى انتهى به إلى السماء السابعة ، ثم انتهى به إلى ربه ، ففرض عليه خمسين صلاة في كل يوم . موسى بن عمران يطلب من النبي عليه الصلاة والسلام سؤال ربه التخفيف عن أمته في أمر الصلاة قال : قال رسول الله : فأقبلت راجعا ، فلما مررت بموسى بن عمران ، ونعم الصاحب كان لكم ، سألني كم فُرض عليك من الصلاة ؟ فقلت : خمسين صلاة كل يوم ؛ فقال : إن الصلاة ثقيلة ، وإن أمتك ضعيفة ، فارجع إلى ربك ، فاسأله أن يخفف عنك وعن أمتك . فرجعت فسألت ربي أن يخفف عني وعن أمتي ، فوضع عني عشرا . ثم انصرفت فمررت على موسى فقال لي مثل ذلك ؛ فرجعت فسألت ربي ، أن يخفف عني وعن أمتي ، فوضع عني عشرا . ثم انصرفت فمررت على موسى فقال لي مثل ذلك ؛ فرجعت فسألت ربي ، فوضع عني عشرا . ثم لم يزل يقول لي مثل ذلك ، كلما رجعت إليه ، قال : فارجع فاسأل ربك ، حتى انتهيت إلى أن وضع ذلك عني ، إلا خمس صلوات في كل يوم وليلة . ثم رجعت إلى موسى ، فقال لي مثل ذلك ، فقلت : قد راجعت ربي وسألته ، حتى استحييت منه ، فما أنا بفاعل .
فمن أداهن منكم إيمانا بهن ، واحتسابا لهن ، كان له أجر خمسين صلاة مكتوبة
الاسراء والمعراج كاملة مصادرها